كوردى   | العربية
 
 
 
 
الرئيسة من نحن رسالتنا راسلنا
اليوم: 10-11-2025
 
 
 
الأخبار البيانات‌ المنشورات الفتاوى مواقع ذات صلة
تاريخ الكتابة: 31/05/2025 : 11:27:33
حجم فونت
التثبت من الأخبار والأقوال

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعــد:

فعلى المسلم التثبت من صحة ما يقرأه، أو يسمعه ولاسيما في الانترنيت، ثم نشره أو التحدث به فيما إن ظن أن في النشر خيرًا؛ لأن شبكات التواصل الاجتماعي في عصرنا الحاضر سهّلت نقلَ الأخبار بين الناس إلى أبعد حد، بل أصبحَ نشرُ الأخبار الكاذبة والمضللة مهنةً لجهات وشركات ومواقع...، لنشر الرذائل بين الناس، وبثِّ بذور الفرقة بينهم، وزرع الفتن بغية تغيير الحقائق الإيمانية، ولأجل إفساد المجتمعات، أو كسب الأموال، أو التشهير بالرموز والشخصيات المؤثرة أو الحصول على الأموال... وقد عالجت الشريعة الغراء الشائعات، وجعلت في باب التثبت منهجًا رصينًا ودرعًا حصينًا للحد أو الحيلولة منها.

قال الله تعالى: (فَبَشِّرۡ عِبَادِ ٱلَّذِينَ يَسۡتَمِعُونَ ٱلۡقَوۡلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُ)[الزمر: 17_ 18].

أي: فبشِّر عبادي المتقين، الذين يستمعون الحديث والكلام، فيتبعون أحسن ما فيه، قال سيدنا عبد الله بن عباس : هو الرجل يسمع الحسنَ والقبيحَ، فيتحدث بالحسن وينكف عن القبيح فلا يتحدث به. صفوة التفاسير (3/ 68).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)). رواه مسلم في المقدمة (7).

قال الإمام شرف الدين الحسين بن عبد الله الطيبي (ت: 743 هـ) رحمه الله: (يعني لو لم يكن للرجل كذبٌ إلا تحدُّثُه بكلِّ ما سمع – من غيرِ تبيِّنه ‌أنه ‌صدقٌ ‌أو ‌كذبٌ – ‌يكفيه ‌وحسبه من الكذبِ؛ لأن الرجل إذا تحدث بكل ما سمع لم يخلص من الكذبِ؛ لأن جميع ما يسمع الرجل لا يكون صدقًا، بل يكون بعضه كذبًا. وهذا زجر عن التحدث بشيءٍ لم يَعلم صدقَه، بل يلزمُ على الرجل أن يبحث في كل ما سمع من الحكايات والأخبار، وخاصَّةً من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن علم صدقه يتحدث، وإلا فلا يتحدث). [شرح الطيبي على مشكاة المصابيح المسمى بـ (الكاشف عن حقائق السنن)، المحقق: د. عبد الحميد هنداوي، مكتبة نزار مصطفى الباز (مكة المكرمة - الرياض)، ط1، ١٤١٧ هـ = ١٩٩٧ م: 2/ ٦٢٣// برقم (١٥٥)].

قَالَ سيِّدُنا عُمَرُ: (الْمُؤْمِنُ ‌وَقَّافٌ ‌يَمْضِي ‌عِنْدَ ‌الْخَيْرِ وَيَقِفُ عِنْدَ الشَّرِّ). [رواه البيهقي في الزهد الكبير: ٩٣٠]. يعني يقف عند الخبر لا يقبله إلا بعد التثبت منه، فإن ثبت عمل به، وإلا توقف فيه. وفي مسألة التبيين -ومعناه: "أمهلوا حتى تعرفوا صحته، لا تعجلوا بقبوله). قال الله تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ...) [الحجرات: 6] . وقال تعالى: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا ضَرَبۡتُمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ) [النِّسَاء: 94] : قَالَ الإمام الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه : (أَمَرَ اللَّهُ مَنْ يُمْضِي أَمْرَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ يَكُونَ ‌مُسْتَبِينًا ‌قَبْلَ ‌أَنْ ‌يُمْضِيَهُ). [الأم، للشافعي، دار المعرفة، بيروت، بدون طبعة، ١٤١٠هـ = ١٩٩٠م: 7/ ٩٩]. وقد اغتاب رجلٌ رجلًا آخرَ عند سيدناعمرَ بن عبد العزيز رضي الله عنه، فقال له عمر: إن شئتَ نظرنا في أمرك، فإن كنت ‌كاذباً فأنت من أهل هذه الآية: (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ) [الحجرات: 6] ، وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية: (هَمَّازٖ مَّشَّآءِۭ بِنَمِيمٖ) [القَلَم: 11] . وإن شئت ‌عفونا ‌عنك، فقال: العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبداً. (تنبيه الغافلين، أبو اليث السمرقندي، دار ابن كثير، دمشق، بيروت، ط3، ١٤٢١ هـ = ٢٠٠٠ م: ١٧٣؛ إحياء علوم الدين، أبو حامد الغزالي، دار المعرفة، بيروت، بدون طبعة، بدون تاريخ: 3/ ١٥٦).

أجل، هكذا ينبغي التعامل مع أخبار الناس وشائعاتهم كلها جميعًا. ويل لأفواه مأجورة تسعى لنشر الشائعات، التي قد تؤول إلى ذهاب نعمة الأمان. قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ ‌رَجُلَيْنِ، ‌أَتَيَانِي، فَأَخَذَا بِيَدِي، فَأَخْرَجَانِي إِلَى الأَرْضِ المُقَدَّسَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ جَالِسٌ، وَرَجُلٌ قَائِمٌ، بِيَدِهِ كَلُّوبٌ مِنْ حَدِيدٍ)) ... يُدْخِلُ ذَلِكَ الكَلُّوبَ فِي شِدْقِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَفَاهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِدْقِهِ الآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيَلْتَئِمُ شِدْقُهُ هَذَا، فَيَعُودُ فَيَصْنَعُ مِثْلَهُ، قُلْتُ: مَا هَذَا؟ ... قالا: رجلٌ كَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالكَذْبَةِ، فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ)). (البخاري: ١٣٨٦؛ ينظر: 7047). نعوذ بالله تعالى من غضبه وسخطه وعقابه، ونسأله جلت قدرته أن يوفقنا لما يحبُّ ويرضى من القول والعمل وصالح الحال، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم الدين.

        Share
المقالات
منقول
الانْتِخَابَاتُ حَقٌّ وَأَمَانَةٌ
مه‌لا عه‌بدوڵلا شێركاوه‌یی
كوردستان… واحة السلام والتسامح في الشرق الأوسط
د.أيوب صالح
الوقاية خير من العلاج : منهج إسلامي وحكمة إنسانية
د. عبدالله ملا سعيد گرتكی*
اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان: خمسٌ وخمسون سنة من الريادة والخدمة الدينية والاجتماعية
د. على جمعة
مولد النور الهادي
منقول
الوصايا العشر للإحتفال بميلاد سيد الخلق
د.أيوب صالح
كيف نتعامل مع التكنلوجيا الحديثة ؟
د.أيوب صالح
كيف نتعامل مع الحزن والفرح
د. عبدالله ملا سعيد گرتكی*
بين لقمة العيش وسيادة الإقليم: أزمة الرواتب والضغط السياسي على كوردستان
د.نامق اسماعيل مصطفى
التثبت من الأخبار والأقوال
  التقارير

الفتوى المشتركة بين مصر والأردن وكوردستان حول جرائم داعش

رئيس إتحاد علماء كوردستان العراق لـ(الرواق ): *التطرف الأعمى لم يخترق كردستان ... كل المحاولات الخبيثة فشلت

رئيس اتحاد العلماء: القضاء على داعش لن يكون عسكريا فقط


  رسالة العلماء
عدد الزيارة : 18554236
الرئيسة من نحن رسالتنا راسلنا
جميع الحقوق محفوظة لاتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان ©            Powered by SALAYE Group