بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى اله وصحبه أجمعين :- اما بعد: فقد قال الامام الشوكاني في (نيل الاوطار) ج6ص9: (ذهب الجمهور الى ان التسوية بين الاولادمستحبة) وذهب البخاري وطاوس والثوري واحمد واسحق وبعض المالكية الى انها واجبة. قال في الفتح والمشهور عن هؤلاء ان التفضيل باطل. -الى ان قال الشوكاني-: فالحق ان التسوية واجبة وان التفضيل محرم انتهى بنوع تصرف. وقال السيد سابق في (فقه السنة) ج3ص544: (لايحل لاي شخص ان يفضل بعض ابنائه على بعض في العطاء لما في ذلك من زرع العداوة وقطع الصلاة التي أمر الله بها ان توصل وقد ذهب الى هذا الامام احمد واسحق والثوري وطاوس وبعض المالكية وقال: ان التفضيل بين الاولاد باطل وجور ويجب على فاعله ابطاله وقد صرح البخاري بهذا -الى ان قال: وذهب الاحناف والشافعي ومالك والجمهور من العلماء الى ان التسوية بين الابناء مستحبة والتفضيل مكروه) وان فعل ذلك نفذ) انتهى وقد علق معلق على قول السيد سابق بأن الامام احمد على حرمة تفضيل بعض الاولاد ما لم يكن هناك داع فأذا كان هناك داع او مقتض للتفضيل فأنه لامانع منه. قال في المغني: فأن خص بعضهم لمعنى يقتضى تخصيصه مثل اختصاصه بحاجة او زمانة او عمى او كثرة عائلة او اشتغاله بالعلم او نحوه من الفضائل او صرف عطية عن بعض ولده لفسقه او بدعته او لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله او ينفقه فيها فقد روي عن احمد مايدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقوف لابأس به اذا كان لحاجة واكرهه على سبيل الاثرة والعطبة في معناه) انتهى ماقاله المعلق. وقال العلامة زين الدين المليباري في (فتح المعين) ج3ص153: (ويكره لمعط تفضيل في عطية فروع وان سفلوا ولو الاحفاد مع وجود الاولاد على الاوجه سواء كانت تلك العطية هبة ام صدقة ام وقفاً او اصولٍ وان بعدوا سواء الذكر وغيره الا لتفاوة حاجة او فضل على الاوجه قال جمع يحرم) انتهى.. وقال السيد البكري في (اعانة الطالبين) على حل الفاظ (فتح المعين) المذكور: (قوله: الا لتفاوة.. الخ) راجع لقوله يكره بالنسبة للصنفين الفروع والاصول أي يكره ما ذكر الا لتفاوة الحاجة او في الفضل فلا يكره. والحاصل محل الكراهة عند الاستواء، في الحاجة او عدم الحاجة وفي الدين وقلته وفي البر وعدمه والا فلا كراهة وعلى ذلك يحمل تفضيل الصحابة بعض اولادهم، الى اخر ماقال (قوله على الاوجه) متعلق بيكره ايضاً أي يكره ذلك على الاوجه ومقابله ما ذكره بعد قوله قال جمع يحرم أي التفضيل وعبارة التحفة فأن لم يعدل لغير عذر كره عند اكثر العلماء، وقال جمع يحرم) انتهى. وقال الامام النووي في (المنهاج): (ويسن للوالد العدل في عطية اولاده بأن يسوي بين الذكر والانثى) وقال الامام محمد الشربيني في (مغني المحتاج) الى معرفة معاني الفاظ المنهاج ج2ص40 (قضية كلام المصنف ان ترك هذا خلاف الاولى والمجزوم في الرافعي الكراهة وهو المعتمد بل قال ابن حبان في صحيحه: ان تركه حرام ويؤيده رواية (لاتشهدني على جور واكثر العلماء على انه لايجب وحملوا الحديث على الاستحباب لرواية فأشهد على هذا غيري ولان الصديق رضي الله عنه فضل عائشة رضي الله عنها على غيرها من الاولاد وفضل عمر() تعالى عنهما بعض ولده على بعض– الى ان قال: (تنبيه) محل الكراهة عند الاستواء في الحاجة او عدمها والا فلا كراهة وعلى ذلك يحمل تفضيل الصحابة رضي الله عنهم فيما مر ويستثنى العاق والفاسق اذا علم انه يصرفه في المعاصي فلا يكره حرمانه).. انتهى. ونستنتج مما اوردناه ما ياتي: 01 الامام الشوكاني والسيد سبق متفقان على ان التسوية بين الاولاد واجبة وتفضيل البعض على البعض محرم وباطل مطلقاً. 02 ذهب جمهور العلماء الى كراهة التفضيل بين الاولاد مالم يكن هناك داع فأذا كان هناك داع او مقتض للتفضيل فأنه لامانع منه ولا كراهة فيه ولقد سبق ماهو الداعي وماهو المقتضي للتفضيل. 03 ذهب الامام احمد الى ان التسوية بين الاولاد واجبة ما لم يكن هناك داع فأذا كان هناك داع او مقتض للتفضيل فأنه جائز لا مانع منه. ومن هنا اقول : الرأي الذي يطمئن به قلبي رأي الامام احمد وهو ان التسوية واجبة مالم يكن هناك داع او مقتض للتفضيل فأذا كان فالتفضيل جائز غير واجب ولا مكروه... هذا للعلم والله اعلم. * إمام وخطيب جامع المفتي بدهوك |