قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (سورة النحل: 43)
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن والاه.
وبعد:
بعد أن ورد إلينا سؤال من قبل لجنة الافتاء في فرع رانية لاتحاد علماء الدين الاسلامي حول ظااهرة الزيادة في المهر بعد العقد الشرعي أو النقص منه، إذ يعمد بعض الازواج بعد أن عقدوا العقد الشرعي عند المشايخ إلى زيادة المهر في المحاكم الرسمية كي يكون ذلك أثبت للزواج وأضمن لحقوق المرأة عند الفراق، وقد أجاب المجلس عن هذا السؤال في جلسته الاعتيادية: رقم: (7) بتأريخ 9/8/2022م على النحو الآتي:
اختلف الفقهاء حول هذه المسألة:
عند جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، يرون أنه يمكن للزوج أن يزيد في المهر بعد تمام العقد, سواء كانت الزيادة من جنس المهر المتفق عليه ام لا.
1- لأن الشرع لم يحدد مقداراُ معينا للمهر بحيث لا يزاد عليه, ولا ينقص منه, سواء في ذلك المقدم أو المؤخر المعروف.
2- المهر ليس ركنا من اركان عقد النكاح, فلو عقد على المرأة بدون ذكر المهر صح العقد, و وجب لها مهر المثل.
3- الأصل أن الرجل يلتزم بالمهر الذي سماه للمرأة عند العقد، ولكن ان تراضيا على خلافه، أو زيادته، أو نقصانه جاز ذلك لقوله تعالى: (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) سورة النساء:24.
4- لا حرج في زيادة المهر من تسعة عشر مثقالا من الذهب الى أكثر من ذلك، حكمها حكم اصل المهر، بخمسة شروط:
ا- أن يكون الزوج أهلا للتبرع.
ب- أن تكون الزيادة معلومة، أما اذا كانت مجهولة فلا اعتبار بها.
ج- حصول الزيادة حال قيام الزوجية، بأن تكون المرأة تحت عصمة الزوج.
د- قبول الزوجة الزيادة، أو من ينوب عنها .
هـ- كون الزيادة حال الصحة دون المرض (مرض الموت)، لانها عندئذ تكون وصية للوارث، وهي لا تجوز.
نص الامام أحمد على أن الزيادة في الصداق بعد العقد تلحق به، قال: في الرجل يتزوج المرأة على مهر، فلما رآها زادها في مهرها؛ فهو جائز، فان طلقها قبل أن يدخل بها، فلها نصف الصداق الاول والذي زادها، وهذا قول أبي حنيفة.( المبسوط للسرخسي 5/71، والمغني لابن قدامة 7/199)
أما عند مذهبنا معاشر الشافعية:
فإن الزيادة في الصداق بعد العقد لا تلحق به، بل هي هبة تفتقر الى شروط الهبة، وان طلقها بعد هبتها لم يرجع الزوج بشيء من الزيادة.
جاء في مغني المحتاج (3/228): "لو توافق الولي والزوج، أو الزوجة اذا كانت بالغة على مهر كان سرا كمائة وأعلنوا زيادة كمأتين؛ فالمذهب وجوب ماعقد به- سواء المائة والمائتين- اعتبارا بالعقد، لان الصداق يجب به، سواء كان العقد بالاقل أم بالاكثر".
-وجاء في المجموع للامام النووي (18/10): "فصل: اذا انكح امرأة في السر على صداق كأن يكون قليلا، ونكح في العلانية على صداق، كأن يكون أكثر؛ فالواجب ماعقد به العقد، لان الصداق يجب بالعقد، فوجب ماعقد به، فيكون الصداق صداق السر، اما لتقدمه، أو لأنه وجب بالعقد".
- وقال زفر من الحنفية: "ان زاد لها في المهر بعد العقد؛ لا تلزمه الزيادة، لانه لو صح بعد العقد، لزم كون الشيء بدل ملكه." فتح القدير: 2/443".
وبناء عليه فالمهر الشرعي ما تعاقدا عليه أولا في العقد الصحيح ، سواء كان المؤجل قليلا أو كثيرا، وما يلحقه بعد يعدّ هبة، إن كانت مقبوضة إيجابا وقبولا وإلا فمجرد وعد لا يترتب عليه قضاء أحكام المهر الشرعي ولا الهبة .
والله تعالى أعلم.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه و سلم
ئەنجومەنی باڵای فەتوا
11/ محرم/ 1443ه = 9/ ئاب/2022م = 18/خەرمانان / 2722ك