إنطلاقاً من قوله تعالى (وقولوا للناس حسناً ) و تحت شعار(نحو خطاب ديني متوازن يحترم القيم الانسانية والسلم الاجتماعي) وبحضور رئيس حكومة اقليم كردستان نيجيرفان بارزاني ونائبه قوباد طالباني وعدد من وزارء حكومة الإقليم وممثلي الدول الاجنبية في اربيل وما يقارب الـ200 شخصية دينية علمائية وبهدف توحيد الخطاب الديني وترسيخ روح التسامح والعفو ونبذ العنف والحقد والكراهية، نظمت وزارة الاوقاف والشؤون الدينية في حكومة اقليم كردستان يومى 8-9 /11/2016 مؤتمراً يستمر لمدة يومين.
في مستهل افتتاح المؤتمر أشار وزير الاوقاف والشؤون الدينية وكالة، إلى الهدف من عقد المؤتمر قائلاً: نسعى الى توحيد وتنظيم الخطاب الديني وعصرنته بعيدا بهدف ترسيخ التسامح والعفو بعيداً عن الفكر المتطرف،كما وأشار الى الفقرات التي سيتم مناقشتها، وبعد ذلك إعداد توصيات حول تنظيم الخطاب الديني في اقليم كردستان والإستفادة من تجارب الدول الإسلامية ودول الجوار، موضحاً أنَّ الوزارة حددت تعليمات خاصة بالخطب والفتاوي الدينية بهدف تنظيم خطب الجمعة أسوة بالدول الاسلامية.
بعدها ألقى السيد نيجيرفان بارزاني رئيس حكومة إقليم كوردستان كلمة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أكد في مستهلها على أهمية عقد المؤتمر من أجل ترسيخ روح التسامح ونبذ العنف والكراهية، مؤكداً:أنَّ داعش إرتكبت جرائم ضد الانسانية والتي تتنافى مع القيم الدينية السمحاء، مشدداً على أنَّ داعش الإرهابي أساء للإسلام بجرائمه الوحشية المرتكبة باسم الدين، مؤكداً أنَّ الحرية التي نحن نعيش في ظلها ثمرة تضحيات البيشمركة، مؤكداً أنَّ قوات البيشمركة أصبحت مبعث فخر للجميع خلال تعاملها وقتالها وحمايتها جميع المكونات دون تمييز، كما واضاف رئيس حكومة اقليم كوردستان: أن داعش حوَّل الموصل الى عاصمة لسلطته لكن ستتم استعادة المدينة بأقرب وقت إن شاء الله.
وثمَّن بارزاني تحضيات البيشمركة والجيش، مؤكداً ضرورة التسنيق والتعاون بين الجانبين، قائلاً: أحيي الجيش الذي يخوض حالياً الى جانب البيشمركة المعارك ضد داعش"، مشيراً الى أن "الارهابيين يشكلون خطراً على العالم ويجب التعاون مع المراكز الدينية الدولية للقضاء عليهم فكرياً.
وشدد على أنَّ حكومة إقليم كوردستان ستواصل محاربة التطرف بالتعاون مع علماء الدين، فأنظار شعب كوردستان والبيشمركة تتجه نحو رجال الدين للقضاء على الفكر المتشدد الذي اصبح سبباً لمقتل المئات ونزوح الالاف في دول المنطقة ونحن لانريد حدوث حرب طائفية ومذهبية في كوردستان"، مشدداً بالدور الكبير الذي قام به علماء الدين في كوردستان في مواجهة الفكر التطرفي،حيث كان لهم الدور الفعّال و الريادي في تصحيح المفاهيم الإسلامية و الوقوف سداً منيعاً لدخول هذا الفكر إلى الإقليم،لافتاً الى أنَّه "ليس من المقبول استغلال الإسلام ومنابر المساجد للأغراض الحزبية أو لنشر الافكار المتطرفة وعلينا الحفاظ على التعايش السلمي بين المكونات المختلفة في الاقليم.
وأكدَّ الدكتور عبدالله الشيخ سعيد الكوردي رئيس إتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان على أهمية إنعقاد مثل هذه المؤتمرات وبالأخص في هذا الظرف الراهن من أجل تجديد الخطاب الديني من أجل مواجهة العنف والأفكار المتطرفة، وأضاف أيضاً إلى أنَّ : الخطاب الديني كان ومازال معتدلاً في الاقليم إلا أن المتغيرات الطارئة في المنطقة بعد قدوم داعش، وشيوع أفكاره الظلامية المنحرفة ينبغي تداركها، وأن المؤتمر يهدف الى وضع حلول ورؤى مشتركة لمرحلة ما بعد داعش في العراق، لذا فإن المؤسسات الدينية تعمل معاً من أجل وضع خطة مشتركة تتناسب مع مقتضيات المرحلة وجسامة تحدياتها.
واستمر المؤتمر مدة يومين، حيث تم من خلال عقد 8 جلسات مكثفة من قبل الإخصائيين، و تمت مناقشتها من قبل المشاركين، وتوصلوا من خلالها إلى إعداد توصيات ومقترحات إلى الوزارة و الجهات المعينة لكي تصبح أسس تنظم من خلالها الخطابات الدينية.
وكانت من أهم التوصيات التي تمَّ الإتفاق عليها في المؤتمر أكدَّت على تبني خطاب ثقافي وفكري معتدل، يدعم التسامح والتعايش بعيداً عن التكفير و التشهير، من أجل تعزيز السلم الإجتماعي، كما وأكدت التوصيات إلى قيام الوزراة بفتح معهد تأهيلي لإعداد وتطوير الأئمة و الخطباء، من أجل تكوين الدعاة علمياً ورُوحيا وسلوكياً، والإستفادة من تجارب الدول والمؤسسات الإسلامية في محاربة الفكر المتطرفي، كما وأكدت التوصيات أيضاً إلى العمل الدائم من قبل الحكومة على تحسين الأوضاع المادية للسادة الأئمة والخطباء،ودعت التوصيات أيضا إلي أن "يتجه الخطابُ الدينيُّ المعاصر إلى إقناع العقل وتعزيز المشتركات الإنسانية، وترسيخ المعاني الوطنية" .