انتقل الی رحمة الله تعالی ظهر يوم السبت 16/ 5/ 2020 الموافق لــ 23 رمضان 1441 هـ، العلامة ملا یوسف یعقوب أحد أعمدة العلم في الشام ، حيث كان المرحوم یسكن في اربیل بعد ما حدث في سوريا...
كان المحوم عالما نحريراً، بحرًاً فياضاً في العلم، متضلعًاً في فقه الشافعية، كان یتردد الينا كثيرا واستفدنا من مناظراته الفقهيه و استنباطاته الحكيمة ... غفر الله له وأسكنه الباري فسيح جناته وألهم ذويه الصبر والسلوان ...
انا لله وانا الیه راجعون ....
وهذه سيرة للملا يوسف رحمه الله كما وردت في كتابي ( سير أعلام الكورد في سوريا)
ملا يوسف يعقوب الباسقلي
(1946- 2020)
الاسم والتولد:
هو الملا يوسف بن الحاج سليمان بن سلو بن يعقوب بن رسول، ولد في ربيع عام 1946 في قرية "ديرونا آغي (دير غصن) التابعة لناحية جل آغا(الجوادية).
جاء جده يعقوب من قرية "باسقل" التابعة لولاية "ماردين" بكوردستان الشمالية الواقعة اليوم بتركية، أما والدته فهي الحاجة الفاضلة ربيعة بنت السيد الجليل والعالم الفاضل الملا رمضان ابن السيد طاهر.
نشأته وتحصيله العلمي:
حين بلغ الملا يوسف السابعة من عمره دخل المدرسة الابتدائية في القرية المذكورة، وقد تفرس فيه أستاذه -آنذاك- الخير والعلم والذكاء والنبوغ، فأرسل إلى والده الحاج سليمان قائلاً له: أوصيك بولدك هذا سيكون له شأن تقر به عينك إن شاء الله، ما كان دافعاً للوالد أن ينذر على نفسه أن يفرغ ولده للعلم، وأن لا يطالبه بأي عمل رغم الفقر المحيط آنذاك، ومع ذلك فإن الصبي يوسف ترك الدراسة الابتدائية وهو في الصف الثالث الابتدائي؛ ليدرس العلوم الشرعية في حلقات المساجد.
ثم انتقلت الأسرة إلى قرية (رميلان الشيخ) ومنها ذهب إلى قرية (مرجة) لأخذ العلم من أستاذه محمد نوري من سنة 1955 إلى 1958 فقرأ خلال هذه المدة علوم الآلة والعلوم الشرعية، وحفظ المتون كالبناء والعز والآجرمية والمغني وجوهر التوحيد في العقيدة والرحبية في الفرائض وحل المعاقد لابن هشام والألفية وشرحها لابن عقيل والكافية لابن الحاجب وشرحها، ولمولانا الجامي.
وأخذ يتنقل بين حلقات المدارس الشرعية في المنطقة لتكميل دراساته المقررة حينها لطلاب العلم.
فدرس على الملا محمد أمين ابن الشيخ عبد الهادي العمري في قرية عابرة قرابة عام،
ثم عند العلامة الملا عبد الله ابن الملا رشيد في قرية معشوق وقرأ عليه شرح الشمسية وشروح التلخيص وشرح العقائد وعلمَي الوضع والمناظرة،
وألقى عصا التجوال والترحال عام 1965 م وتزوج في تلك السنة، وسكن قرية (علوانكي) إماماً وخطيباً.
وذهب إلى قرية حلوة لزيارة الشيخ محمد زكي ابن الشيخ إبراهيم حقي فتعلق به وأصرَّ عليه المجيء إلى تكيتهم في قرية (حلوة) ليُدَرِّس في مدرستهم، وعلى الرغم من اعتذاره الشديد عن المجيء مراراً محتجاً عدم كفايته، ولصغر سنه، ولثقل الأمانة التي ستلقى على عاتقه؛ لكن إلحاح الشيخ محمد زكي اضطره إلى الامتثال والمجيء إلى القرية في خريف عام 1967 م حيث عُين مدرساً وخطيباً ثم إضافة إلى ذلك مفتياً. وأثناء ذلك قرأ على شيخه الشيخ علوان ابن الشيخ إبراهيم حقي علم الفرائض وكتاب جمع الجوامع وغيرهما، وأجازه بعدها إجازة مطلقة في علوم الشريعة وبسنديه عن والده الشيخ إبراهيم حقي وعمه الشيخ محمد شفيق .
وبعد وفاة الشيخ محمد زكي وتولي شقيقه الشيخ علوان خلافة الطريقة النقشبدية هناك، استمر الملا يوسف على التدريس في التكية كما في المدارس الرسمية: الإعدادية والثانوية وبفروعها العامة والشرعية –كما استمر في الخطابة والإفتاء والرد على الأسئلة وحل المنازعات والخصومات التي كانت ترد إلى تكية الشيخ حسين، وقد أحبه الشيخ علوان وأولاه ثقة كبيرة لإخلاصه ورجاحة عقله ودوره في حل المشاكل وفض الخصومات، وكان ذراعه الأيمن في كل ذلك حيث لا يقطع أمراً من دونه، فكان صاحبه في الحل والترحال مدة تزيد على العشرين عاماً؛ وقد كتب الشيخ علوان رسالة إلى أحد الأفاضل في كوردستان الشمالية بتركيا، قال فيها: ( إن ملا يوسف أنساني علمي).
بعد وفاة الشيخ علوان استمر لفترة قصيرة في قرية حلوة تنقل بعدها مدرساً وإماماً وخطيبا في مدارس ومساجد منطقة الجزيرة السورية حتى استقر به المقام بحي الأكراد بمدينة دمشق الشام حوالي عام 2004 ميلادية، وبقي يدرِّس في جامع ركن الدين منكورس المعروف بجامع الركنية الذي تولى إمامتها أيضاً، وكذلك في جامع أبي النور بحلقات علم تخصصية، وفي معهد الشيخ حسن الشاذلي حتى قامت الثورة السورية، فاضطر للهجرة إلى مدينة أربيل عاصمة إقليم كوردستان.