د. مرزوق أولاد عبد الله أستاذ الدراسات الإسلامية وباحث بالجامعة الحرة الحكومية بأمستردام الأزهر الشريف المؤسسة الإسلامية والأكاديمية العالمية العريقة والعتيدة التى أعطت لمصر وللشعب المصرى العريق مكانة مرموقة عربيًا وإسلاميًا ودوليًا على مر التاريخ والأزمنة والعصور- لجدير بها أن تضع له مكانة فى تحديد مصيرها الآنى والمستقبلى. ظلت هذه المنارة الإسلامية العتيدة العتيقة العظيمة عبر التاريخ تشد الأنظار إليها من كل صوب وحدب، وكيف لا، وعمر الأزهر الشريف المديد الذى ظل المركز الامين والآمن للإسلام وللفكر الإسلامى الناصع عبر القرون والدهور، وتعاقب الاجيال جيلا بعد جيل، حاميا للعلم، مدافعًا عن الحق والفكر والأوطان، وصمام امان للدين الحنيف، من تبديل المبدلين وتجاوز المتجاوزين، وتحريف المحرفين، وتهور المتهورين، حارسا امينا على الدعوة الإسلامية ونشرها بالموعظة والحكمة، والقول الحسن، باثا للطمانينة فى نفوس المصريين والعرب والمسلمين فى العالم، يتباهون به وبسيرته العلمية العطرة لأنه قبلة الإسلام والمسلمين العلمية، ذكر الأزهر على كل لسان، نار على علم، وحد نفوس المسلمين وقلوبهم وعقولهم على ذكر اسمه، لا فرق فى ذلك بين المصرى والمغربى والشامى، فالكل مدين بالانتماء إليه، رافعًا اسمه فوق الانتماءات القطرية أو العصبيات المذهبية، الكل يحس انه من الأزهر والأزهر منه، أودع الله محبته فى قلوب خلقه من زاره ومن لم يزره، من سافر إليه ومن لم يسافر إليه، من درس فيه ومن لم يتشرف بالدراسة فيه، الكل فخور به يتباهى به بين بنى قومه وهو من يرضيه عند النسب، لا يحجزه حاجز عنه لا الزمان ولا المكان ولا الحدود ولا السدود، جمع قلوب المسلمين وأفئدتهم عليه تهوى إليه من كل مكان ومن كل الأصقاع والبلدان، وحقق فى هذا المجال ما لم يستطع أساطين السياسة فى عالمنا العربى والإسلامى أن يصلوا إليه أو أن يحققوه، فمصر كنانة الله فى أرضه لم تعرف فى العالم العربى والإسلامى إلا به، كسبت احترام العالم العربى والإسلامى إلا من خلاله، فالأزهر أصبح سفير مصر العابر للقارات فى العالم العربى والإسلامى بدون تعيين من سلطة، وبدون تحديد مهامه، وأى سفير، إنه سفير الهداية والعلم والنور، سفير التسامح والاعتدال، سفير الطمانينة والاستقرار، منهجه فى أفكاره، قرآنى معتدل وسطى، بصماته فى مريديه ومتبعيه جلية وبينة، وتاثيره فى مستمعيه ومحبيه واضحة، وعلاقته بين من ليس على دينه محترمة ومقدرة. حفظ الأزهر الشريف العتيد على مدى عمره المديد العامر بالله، للقرآن لغته، وللسنة مكانتها، وللعلوم الإسلامية جلالتها، وللتشريع الإسلامى استمراره وتطوره من خلال بحوث أعلامه وعلمائه وطلابه المستنيرة بهدى الله وتعاليم رسوله، وبعقليته المؤمنة الفذة المتزنة الآمنة، وبمخزونه الشرعى الوافر الضارب فى جنبات أعماق التاريخ المصرى والعربى والإسلامى والإنسانى منذ نشأته، محفوظ بحفظ الله له، محمى بعلمائه وبرجالاته الأعلام على مر العصور والأزمان. العلوم الشرعية فيه فيض من بحر متلاطم الأمواج لا ساحل له، علماؤه الأجلاء جبال راسيات أو رواس، أخلاقهم كالرواسى الشامخات، مثابرتهم وتحملهم عنت الجهد والمشقة فى التحصيل العلمى الشرعى لا متناهية، والتفانى فى أداء رسالتهم الدعوية لا ملل فيه ولا كل جلية، بالرغم من الظروف المعيشية العصيبة لا تحكى، لأنهم وهبوا أنفسهم لخدمة أهداف الإسلام والأمة العالية، أملهم فى الله كبير، تعلق قلوبهم بأزهرهم عقيدة راسخة لا علاقة لها بشرط ومشروط، يبذلون النفس والنفيس من أجله، جنود مجندة فى السر والعلانية، لا يكلون ولا يملون، صفاتهم مكتسبة من صفات أزهرهم، كالعمر المديد، والشموخ والعزة والإباء والصخر العتيد الذى تحطمت وستتحطم فوقه كل المحاولات الخسيسة والمؤامرات الدنيئة للنيل منه. صمودهم كصموده، وطول نفسهم كطول نفسه، وثباتهم كثباته. أقسموا على الله لتبقى راية الأزهر خفاقة فى الأفق وفوق العالمين ليل نهار، ضوؤه لن يخفت، توهجه لن يطفأ أو ينطفئ، رسالته الخالدة لن تحد، كبرياؤه لن يهان، لن يطأطئ الرأس إلا إلى بارئه وخالقه، لن يحيد عن رسالته اتجاه أمته وتجاه العالمين مبشرًا ونذيرًا، سيحمى أمته كل أمته، وسيوحد أهدافها، وسيعلى رايتها بالرغم من كيد الكائدين، وتآمر المتآمرين، سيبقى الحارس الأوحد الأمين على أمته المصرية، وعلى أمم العالمين العربية والإسلامية، ودوره المستمد من الشرعية الإسلامية ومن الأمة ومن ديننا الحنيف ومن معتنقيه ومن تاريخه الضارب فى غابر الأزمان والسنين فى تصريف شؤون الأمة والمؤمنين ليس له بديل ولا نظير. دوره الحالى المنوط به فى الإسهام فى ترتيب شؤون بيت الأمة- مع الآخرين- واجب دينى ومفروض، محاولة إبعاده عن إسهاماته المستنيرة بخصوص المرحلة الانتقالية خطيئة، قيادته الدينية للمؤمنين ومحاولته الإسهام والإبحار بمصر للوصول بها إلى بر الأمان عقيدة، لا يدانيها أى حقيقة. إيمان الناس والمؤمنين بدور الأزهر فى هذه المرحلة فريضة، والتمحور حوله حكمة جليلة وعظيمة، والتشكيك بدوره يمثل نقيصة وخطيئة، لأنه أحرص الناس - إلى جانب الآخرين من بنى جلدته- على العبور بالمصريين ومصر إلى شاطئ بر الأمان على وجه الحقيقة لا التمثيل ولا حسابات حزبية أو أهداف شخصية إلا أهداف مصر والوطن العليا النبيلة- لأنه بجهده وإدراكه لمسؤوليته وبفعله هذا لا يبغى من وراء ذلك جزاء ولا شكورًا، ولأنه أولًا وأخيرًا حامى حمى الوطن والعباد والدين واللغة والعقيدة. ففروا إلى الله وإلى الأزهر وتجمعوا حوله وثقوا به فإنه ملاذ مصر الآمن والحارس الأمين على الحقيقة |