الحكم الشرعي بشأن الرواتب الفضائيين ومزدوجي الرواتب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين ..

ورد إلى المجلس الأعلى للإفتاء في إقليم كوردستان أسئلة واستفسارات عديدة من قبل المواطنين حول بيان الحكم الشرعي لكلٍ من :

1_ إستلام راتب شهري حكومي دون وظيفيةٍ حقيقية، ما يُسمي حالياً بــ( الراتب الفضائي).

2_ إستلام الموظف لأكثر من راتب شهري حكومي، بمعنى أنَّه موظف في أكثر من جهة حكومية  .

3_ المتعينين أو المتقاعدين بوظائف حكومية بوسائل و طرق غيرقانونية.

من أجل ماذُكر، عقد المجلس الأعلى للإفتاء في إقليم كوردستان جلسته غير الإعتيادية بتأريخ 27/6/2020 عبر الدائرة الإعلامية المفتوحة، وبعد البحث والتحري و التقصي والمداولة الكافية بين أعضاء المجلس، وبالإستناد إلى النصوص و القواعد الفقهية، والنظر في المصالح و المفاسد، فقد توصل السادة أعضاء المجلس الأعلى للإفتاء إلى بيان الحكم الشرعي للأسئلة الموجهة إليه على الوجه الآتي:

أولاً: كلُ من تعيّن في وظيفة حكومية بطريقةٍ غير قانونية وغير شرعية فراتبهُ حرامٌ، وعلى الحكومة إتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه أيضاً، وبحق كلِ من ساهم في تعيينه، عملاً بقاعدة الضرر يُزال.

ثانياً: كلُ من تعيّن في وظيفةٍ حكومية وبصورة قانونية وشرعية، ولكنَّه لايقوم بأداء واجباته الوظيفية الكاملة، فإنَّ راتبه حرامٌ، وعلى الحكومة إتخاذ الإجراءات المناسبة بحقه، وذلك إما بإلزامه بأداء واجباته الوظيفية بصورة كاملة، أو التخلي عن تلك الدرجة الوظيفية وعن الراتب الشهري الذي يتقاضاه لتلك الوظيفة.

ثالثاً: الراتب الشهري للموظفين الفضائيين حرامٌ بيّنٌ، إذ أنه إسمٌ على مُسماه، فهم يستلمون راتباً شهرياً من دون أداء أيةٍ واجباتٍ وظيفية، ويعتبر عملهم هذا تعدياً على الحق و المال العام، وهذا حرامٌ شرعاً، وحرّمه القران الكريم بقوله: (يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) النساء/29، و قوله تعالى ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتُدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون) البقرة/ 188.

إضافة إلى كونه عبئاً على خزينة الدولة، وكونه مصدراً رئيسياً للفساد الإداري والمالي، ولا فرق في ذلك سواء كان الموظف الفضائي يستلم راتبه من الحكومة العراقية أو في حكومة إقليم كوردستان، فإنَّه يستلم هذا الراتب الشهري دون وجه حق، ودون أن يُمارس واجبه الوظيفي الذي يوجب عليه هذا الراتب الشهري مما يُدخله في دهاليز الكذب و الغش و الخداع والفساد والسرقة، وكلُ ذلك حرامٌ ثابت بالنصوص الشرعية القطعية.

رابعاً: كلُ شخصٍ  يستلم أكثر من راتبٍ شهري في مؤسستين يتعارض وقت دوامهما، فهو حرامٌ أيضاً، سواءٌ كان هذا الموظف يستلم أكثر من راتبٍ في حكومة الإقليم، أو كان أحدهما من الحكومة العراقية والآخر في حكومة إقليم كوردستان.

خامساً: كل شخصٍ أحيل إلى التقاعد بدرجةٍ وظيفية أو رتبةٍ عسكرية لا يستحقها، أو بطريقة غير قانونية، فهذا أيضاً يدخل في باب الغش والخداع والفساد والسرقة مما هو حرامٌ ثابت بالنصوص الشرعية القطعية كذلك.

من أجل ما بيّناه، إستوجبَ على المجلس الأعلى للإفتاء في إقليم كوردستان أنْ يُطالب حكومة إقليم كوردستان بالعمل الجاد من أجل إنهاء ظاهرة الموظفين الفضائيين والقضاء عليها، وذلك لأنَّ الحكومة هي المسؤولة المباشرة بالقضاء على ظاهرة الفساد، والبدء بالإصلاحات المالية والإدارية، وكذلك العمل الجاد من أجل قطع دابر ظاهرة إستلام أكثر من راتب شهري، مع التحقيق الدقيق في عملية إجراءات تعيين الموظفين الحكوميين وتصفية المتقاعدين غير القانونيين .... والله الموفق

وصلى الله و سلّم وبارك على سيدنا محمدٍ وعلى أله و صحبه أجمعين

 

المجلس الأعلى للإفتاء في إقليم كوردستان

إقليم كوردستان – أربيل

 27/6/2020 م

   6/ 11/ 1441 هـ