نشر البعض أنَّه إذا وافق يومُ العيد يومَ جمعة تسقط صلاة الجمعة عنهم بصلاة العيد، ولأن المسئلة بحدِّ ذاتها من المسائل الفقهية التي تخصُ أهل العلم، فقد ناقشت اللجنة العليا للإفتاء هذه المسئلة في جلستها المنعقدة بتأريخ 25/10 / 2012، ورأينا من الضروري التطرق إليها مرة أخرى أخرى من أجل أن تعم به الفائدة و البيان.
من البديهي أنَّ صلاة العيد من السنن المؤكدة، و صلاة الجمعة من الواجبات، و لا تسقط صلاة الحمعة بصلاة العيد، لأن صلاة العيد سنة مؤكدة، بينما صلاة الجمعة فريضة محتمة، والسنة لا تُسقط الفريضة ولا تجزئ عنها، وذلك لقول الله عز وجل:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، فللفقهاء في المسألة قولان، أحدها ما عليه جمهور الفقهاء من الحنفية و المالكية و الشافعية من أنَّ صلاة الجمعة لا تسقط بصلاة العيد لكون كل واحدٍ منهما عبادة مستقلة ، وأنَّ السنة لا تسقط الفرض.
والرأي الثاني ما ذهب إليه بعض الحنابلة من أنَّ مَنْ صلى صلاة العيد تجزئه عن أداء صلاة الجمعة، فمن صلى صلاة العيد لا تجب عليه صلاة الجمعة و تجزئه عنها، و إن أداها كان ذلك أفضل، واستدلوا بما جاء في سنن أبي داود أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأهل العوالي الذين بعدت منازلهم عن المسجد النبوي، وشق عليهم الذهاب والإياب مرتين للصلاتين، فرخص لهم أنْ يصلوا الظهر في أحيائهم قائلاً: (قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ؛ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ)، فاستدلوا من رخًّصته صلى الله عليه وسلم دليلاً في في ترك الجمعة لمن صلى صلاة العيد .
و حمَّل جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية ما قاله صلى الله عليه وسلم لأهل العوالي أنه واردٌ في حق من أتى لصلاة العيد من خارج المدينة المنورة؛ ممن لا تجب عليهم الجمعة ابتداءً؛ كونهم قاطنين خارج المدن والعمران، فهؤلاء إنْ انتظروا حتى يصلوا الجمعة كان في ذلك مشقة في حقهم، و إذا لو رجعوا إلى أهلهم ثم عادوا لأداء فريضة الجمعة كانت مشقة أيضاً؛ لذا رخص لهم في ذلك الوقت ترك صلاة الجمعة .
لذا ترى اللجنة العليا للإفتاء في إقليم كوردستان تنويه المسلمين الى الأخذ برأي جمهور الفقهاء من ضرورة المحافظة على الصلاتين فيما إذا وافق يوم العيد يومَ الجمعة ، و الإحتياط يقتضي ذلك أيضاً، وعدم الإنصياع إلى الآراء الشاذه التي ينتج عن الأخذ بها الخلاف والغرقة في صفوف المسلمين وهم يستقبلون أيام العيد المبارك، والله تبارك وتعالى أعلم.
اللجنة العليا للإفتاء في إقليم كوردستان
28 / رمضان/ 1436 هـ
15/تموز/ 2015 م |