أهمية الجامع لتنشئة المجتمع

تقديم: عبد الله خالد فائز

كلية التربية- مخمور

إن من الوسائل والأماكن في الإسلام لنشر مبادئها وأهدافها لتنشيئة المجتمع كثيرة، ومن أحدى الأماكن لنشر التربية الهادئة، ومن أهمها وسائلاً لمقاومة الأفكار الهدامة هي الجامع ومن ضمن الجوامع المدارس الإسلامية حيث تتميز التربية الإسلامية فيها عن غيرها أنها تربية هدفه الأول والأخير هو إنشاء الإنسان الصالح، فالإنسان هو المحور الأول في التربية الإسلامية بعقله وروحه وجسده وغرائزه، حيث إنّ المدرسة مؤسسة اجتماعية حديثة العهد في العالم، فالأسرة ثم القبيلة هي الوسائل التي عرَفتها البشرية لتربية الأولاد وإكسابهم المهارات التي يُراد لهم تعلمها، وبقي الأمر كذلك حتى ظهر الإسلام، واستقرَّ حكمه في مدينة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، فكان المسجد أول مدرسة جماعية منظَّمة عرَفَها الإنسان، لتعليم الكبار والصغار، ولتربية الرجال والنِّساء، وبقي جامعة الرسول تؤدي(صلى الله عليه وسلم) وظيفتَي العبادة والتربية الإسلامية، دون تمْييز واضح بينهما، حتى كان عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فنشَأ في عصره إلى جانب المسجد أو بعض زواياه، كتاتيب للأطفال يتعلَّمون فيها.

وهذه التربية الإسلامية منبعها الرصين كما أشرنا من قبل هي المدراس الإسلامية في المساجد أو الجوامع، ومن هنا يتضح لنا أن المساجد يمثل أهمية كبرى للمجتمع المسلم في تنشيئة الإنسان وترشيده وتوجيهه في جميع مجالات الحياة، فهي لعبت دور كبيراً في تربية الأفراد تربية إسلامية سليمة بعيدة عن الأفكار المتطرفة.

فالمتعلمون في المساجد يمتازون على غيره ، بوجود الحوافز الدافعة لهم إلى التعليم أكثر من غيرهم.

وقد خدمت المدارس الدّينيَّة الملحقة بالجوامع منذ العصور الأُولى من الهجرة أيَّما خدمة من نواحي العلوم النَّقليَّة والعقليَّة في العالم الإسلامي، فقامتْ مقام الجامعات والمعاهد المعاصرة، وكانتْ وحدَها هي الَّتي تتولَّى مهمَّة التَّعليم واستطاعت تلبية إحتياجات المجتمع.

وكانت هذه المدارسُ منتشرةً في شتّى بقاع العالم، في مدنها وقراها، فكثيراً ما اشتهرتْ قرى معيَّنة بعلمائها ومدارسها، يقصدها الطّلاب من كبريات المدن، وقد دعمَ الكل هذه المدارس ومدرّسيها والدّارسين فيها حبّاً للعلم والدّين، فلعبتْ هذه المدارس دوراً مهمّاً في نشر الثّقافة والوعي والعلوم الإسلاميّة، بل لم يكن هناك مركز آخر غير الجامع تقوم بهذه المهمَّة، وتخرَّج فيها علماء أعلام نالوا شهرةً بعلومهم وتأليفاتهم، وكانوا يتبوّؤن الصّدارة حينما يحلّون دارسين أو مدرِّسين في دول أخرى.

 فأصبحت المدارس رافداً مهمّاً من روافد العلم والثّقافة في العالم الإسلامي، وقدَّمت الكثير للشّعب، حيث إن الحلقات العلمية بالجوامع لم تقتصر على الدراسات الدينية ، وإنما تعدتها إلى سواها من معارف العصر مثل علم الكلام والدراسات اللغوية والأدبية وقواعد اللغة العربية، وأشعار العرب وغيرهم وأيامهم، والعروض، والطب والحساب.

ينظر:

1_ المسجد ودور التعليمي عبر العصور من خلال الحلقات العلمية، عبد الله قاسم الوشلي، بيروت-لبنان، مؤسسة الرسالة، 1408هـ.

2_ المُلاّ عبد اللّه البيتواتي ومنهجه في العقيدة الإسلاميّة رسالة ماجستير  في كلّيَّة الشَّريعة والدِّراسات الإسلاميّة بجامعة دهوك، للباحث: جميل علي رسول، 2004، غير منشور.

3_ علماء ومدارس في أربيل، زبير بلال إسماعيل، العراق-موصل، مطبعة الزهراء، 1404هـ/1984م.