بسم الله الرحمان الرحيم
[وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى]
مما يدعوا إلى القلق الشديد لدى المسلمين عودة العنصرية القومية والجاهلية الأولى إلى أوساطهم في ثوبٍ جديد،وذلك بإنكار الإنتماء للقوميات العريقة التي لا شبهة في أصالتها وصحة استقلاليتها ، و لا ينسى أي عرقى منصف مهزلة تصحيح القومية الذي ابتدعه النظام البائد لمحاربة القومية الكوردية وطمس معالمها، حتى بلغ بذالك النظام أنْ أنكر نسب صلاح الدين الأيوبي وجعلة عربيا ! وحتى أرجعوا أنساب جميع الأنبياء إلى العروبة ، وهذا مما يناقض النص الصريح والعقل الصحيح، كذا أجبروا العديد من العشائر الكوردية الأصيلة على التعريب كالداودية والشبك واليزيدية ، وقاموا بطرد وتهجيير الفيليين من العراق بحجة تعسفية أنَّهم ليسوا عراقيين، ثم بعد أنْ أهلك الله النظام البائد بظلمه اللامحدود وجعله عبرة لمن يعتبر ، لم يعتبر بعض من جاء بعده فبدأوا بمحاولات لتبديل الهوية القومية للشبك واليزيدية وإدعاء أنَّهم ليسوا من الكورد.
ونحن نلفت أنظار هؤلاء بأنَّهم خالفوا الشريعة الإسلامية وحادوا عن الحق المبين ونذكرهم بنصوص الصريحة من القرآن والسنة، منها قوله تعالى (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) ، فقد صرح الباري عزوجل ( لتعارفوا ) لا لتدابروا و لا لتآمروا، وكذا قوله تعالى(وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ) وليراجع من أراد الحق مصادر التفسير حول مدلولات هذه النصوص وغيرها، وسيرى محقاً أنَّها تعطي حق انتساب كل ذي لغة إلى قومه إلى ولد منهم وعاش بينهم، و تشنع هذه النصوص الكريمة على كل من ينكر هذا الحق في حق عباد الله سواءً كانوا مسلمين وغيرهم، وتجعل المنكر من مرتكبي الكبائر وتاركي الشعائر .
هذا بالإضافة إلى أحاديث صحيحة و صريحة من الرسول الكريم( ) تثبت بصراحة حق ادعاء القومية المشروعة لكل فردٍ إلى قوميته التي ينتسب إليها، منها قوله ()[إنَّ من أعظم الفرى أن يدَّعي الرجل إلى غير أبيه] وكذلك قوله[ من ادَّعَى إلى غَيْرِ أبيه وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أبيه فَالْجَنَّةُ عليه حَرَامٌ]، بل شدد النكير على مرتكبي ذلك وأنذرهم بدخولهم الكفر[لَا تَرْغَبُوا عن آبَائِكُمْ فَمَنْ رَغِبَ عن أبيه فَهُوَ كُفْرٌ] إلى غير ذلك من النصوص الصريحة في هذا المجال.
وقد وردت أحاديث أخرى على جواز ادّعاء المسلم إلى عشيرته وقوميَّته ، بل مناصرته لها ليست من العصبية المنهي عنها في قوله(): [ليس مِنَّا من دَعَا إلى عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا من قَاتَلَ على عَصَبِيَّةٍ وَلَيْسَ مِنَّا من مَاتَ على عَصَبِيَّةٍ]،
فقد سئل الصحابة رضى الله عنهم رسول الله : [ أَمِنَ الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ قَوْمَهُ قال: لَا وَلَكِنْ من الْعَصَبِيَّةِ أَنْ يُعِينَ الرَّجُلُ قَوْمَهُ على الظُّلْمِ] .
استناداً إلى الأحكام الشرعية المأخوذة من هذه النصوص كما بيّنها أئمة الإسلام، فإنَّ اللجنة العليا للفتوى في إقليم كوردستان تقرر مايلي :
1- إنَّ حق انتساب كل إنسان إلى ما يثبت عنده تواتراً أباً عن جد إلى القومية التي يدَّعيها، حق شرعي إلهي و فطري .
2- إن تغيير القومية بأي شكل كان، وسواء كان برضى الشخص أو بإكراهه حرام تحريما قطعياً .
3- محاولة تغيير مميزات قومية ، وحتى تغيير نسب انسان واحد، تُعرض الفاعل إلى لعنة الله وغضبه، لأنَّها محاولة لتغيير آية من آيات الله ، وعدم الرضى بما فطر الله الخالقُ عباده .
اللجنة العليا للإفتاء |