كوردى   | العربية
 
 
 
 
الرئيسة من نحن رسالتنا راسلنا
اليوم: 20-04-2024
 
 
 
الأخبار البيانات‌ المنشورات الفتاوى مواقع ذات صلة
تاريخ الكتابة: 06/02/2023 : 16:51:04
حجم فونت
زلزال ظاهره العذاب... ومغزاه رحمة خاصة بأمة النبي صلى الله عليه

الحمدُ للهِ والصَّلاةُ والسَّلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلهِ وصحبهِ ومَنْ والاه وبَعْدُ:

فضرب زلزال عنيف دولاً عربية واسلامية بتاريخ : (6/ 2/ 2023م) في الساعة الرابعة وعشرين دقيقة فجراً تقريبا وكنت ممن شهده وعاش أحداثه في العراق وأرى بأم عيني البنيان يتحرك والشواخص لا تسكن؛ فقلت سبحان الله القادر على كل شيء، فزعت إلى التوبة والاستغفار، وأقول: اللهم أرحمنا برحمتك الواسعة، واصرف عنا العذاب في الدنيا والآخرة، وفي نفسي حديث معروف مشهور بخصوص الزلازل ورد في السنة المطهرة، وانا أقول في نفسي: كيف يكون الزلزال رحمة خاصة لهذه الأمة وظاهره العذاب وما سيخلفه من أضرار مادية وجسدية في الأرواح والأنفس، مما دعاني الى الرجوع إلى شراح الحديث، فبان لي العجب وانكشف عن الاستغراب؛ فهو-أي: الزلزال- رحمة مخصوصة لهذه الأمة وان كان ظاهره العذاب فعلاً، ولكن لمقام النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه صير العذاب الظاهر الى رحمة مخصوصة لأمته كرامة له لأن ذلك سيكون تخفيفا عنها يوم القيامة؛ فالعبرة بالخواتيم؛ فرحم الله من مات وعوض بالخير من تضرر والسلامة والامن والأمان على أمة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى باقي البشرية أجمع، فأخرج أبو داود، وأحمد، والحاكم وصححه ، ووافقه الذهبي؛ عَنْ أَبِي مُوسَى الاشعري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمَّتِي هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ، لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ فِي الْآخِرَةِ، عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، وَالزَّلَازِلُ، وَالْقَتْلُ»، وفي لفظ أحمد: " إِنَّ أُمَّتِي أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ لَيْسَ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ. إِنَّمَا عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْقَتْلُ والْبَلَابِلُ وَالزَّلَازِلُ " قَالَ أَبُو النَّضْرِ " بِالزَّلَازِلِ وَالْقَتْلِ وَالْفِتَنِ "، ينظر سنن أبي داود (4/ 105) (4278)، مسند أحمد ط الرسالة (32/ 453) (19678)، المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 283) (7649).

قال القاري وهو يلخص ما قاله الشراح في الحديث: (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أُمَّتِي هَذِهِ ") أَيْ: أُمَّةُ الْإِجَابَةِ الْمَوْجُودَةُ ذِهْنًا الْمَعْهُودَةُ مَعْنًى، كَأَنَّهَا الْمَذْكُورَةُ حِسًّا (أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ) أَيْ: رَحْمَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ ; لِكَوْنِ نَبِيِّهِمْ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، بَلْ مُسَمًّى بِنَبِيِّ الرَّحْمَةِ وَهُمْ خَيْرُ أُمَّةٍ (لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَابٌ) أَيْ: شَدِيدٌ (فِي الْآخِرَةِ) بَلْ غَالِبُ عَذَابِهِمْ أَنَّهُمْ مَجْزِيُّونَ بِأَعْمَالِهِمْ فِي الدُّنْيَا بِالْمِحَنِ، وَالْأَمْرَاضِ، وَأَنْوَاعِ الْبَلَايَا، كَمَا حُقِّقَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُ: (عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ وَالزَّلَازِلُ وَالْقَتْلُ) أَيْ: بِغَيْرِ حَقٍّ.

وَقِيلَ: الْحَدِيثُ خَاصٌّ بِجَمَاعَةٍ لَمْ تَأْتِ كَبِيرَةً، وَيُمْكِنْ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى جَمَاعَةٍ خَاصَّةٍ مِنَ الْأُمَّةِ، وَهُمُ الْمُشَاهَدُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَوِ الْمَشِيئَةُ مُقَدَّرَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]،

وَقَالَ الْمُظْهِرُ: هَذَا حَدِيثٌ مُشْكِلٌ ; لِأَنَّ مَفْهُومَهُ أَنْ لَا يُعَذَّبَ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَوَاءٌ فِيهِ مَنِ ارْتَكَبَ الْكَبَائِرَ وَغَيْرُهُ، فَقَدْ وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِتَعْذِيبِ مُرْتَكِبِ الْكَبِيرَةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ الْمُرَادُ بِالْأُمَّةِ هُنَا مَنِ اقْتَدَى بِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا يَنْبَغِي، وَيَمْتَثِلُ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ وَيَنْتَهِي عَمَّا نَهَاهُ.

وَقَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: الْحَدِيثُ وَارِدٌ فِي مَدْحِ أُمَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاخْتِصَاصِهِمْ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْأُمَمِ بِعِنَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحِمَتِهِ عَلَيْهِمْ، وَأَنَّهُمْ إِنْ أُصِيبُوا بِمُصِيبَةٍ فِي الدُّنْيَا، حَتَّى الشَّوْكَةُ يَشَاكُهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يُكَفِّرُ بِهَا فِي الْآخِرَةِ ذَنْبًا مِنْ ذُنُوبِهِمْ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ لِسَائِرِ الْأُمَمِ، وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُ هَذِهِ وَتَعْقِيبُهَا بِقَوْلِهِ (مَرْحُومَةٌ) فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَزِيَّةِ تَمْيِيزِهِمْ بِعِنَايَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحِمَتِهِ، وَالذَّهَابُ إِلَى الْمَفْهُومِ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ، وَهَذِهِ الرَّحْمَةُ هِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156] ، إِلَى قَوْلِهِ: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ} [الأعراف: 157] ، انْتَهَى.

وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنْ هَذَا كُلَّهُ مِمَّا لَا يَدْفَعُ الْإِشْكَالَ، فَإِنَّهُ لَا شَكَّ عِنْدَ أَرْبَابِ الْحَالِ أَنَّ رَحْمَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِنَّمَا هِيَ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ بِظَاهِرِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ لَا يُعَذَّبُ فِي الْآخِرَةِ، وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ فِي أَنَّ جَمَاعَةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ يُعَذَّبُونَ فِي النَّارِ، ثُمَّ يَخْرُجُونَ إِمَّا بِالشَّفَاعَةِ، وَإِمَّا بِعَفْوِ الْمَلِكِ الْغَفَّارِ، وَهَذَا مَنْطُوقُ الْحَدِيثِ وَمَعْنَاهُ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَلْفَاظِهِ وَمَبْنَاهِ، وَلَيْسَ بِمَفْهُومِهِ الْمُتَعَارَفِ الْمُخْتَلِفِ فِي اعْتِبَارِهِ حَتَّى يَصِحَّ قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ مَهْجُورٌ، بَلِ الْمُرَادُ بِمَفْهُومِهِ فِي كَلَامِ الْمُظْهِرِ الْمَعْلُومِ فِي الْعِبَارَةِ، ثُمَّ قَوْلِ الطِّيبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةُ وَهِيَ كَفَّارَةُ الذُّنُوبِ بِالْبَلِيَّةِ لِسَائِرِ الْأُمَمِ تَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ مُثْبِتٍ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا فُهِمَ مِنَ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ عَذَابُهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَنُ، إِلَى آخِرِهِ، فَإِنَّهُ قَابِلٌ لِلتَّقْيِيدِ بِكَوْنِ وُقُوعِ عَذَابِهَا بِهَا غَالِبًا. ينظر مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3372).

وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ على سيّدنا مُحمّدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

 

        Share
المقالات
پ.د.فرست مرعي
النوروز بين الخلفاء والفقهاء.. دراسة تحليلية مقارنة
د. حه‌سه‌ن خالید موفتی
لماذا اخترنا في نصاب المال لهذا العام ١٤٤٥ه =٢٠٢٤م الفضةَ دون الذهب؟ ولماذا المُصاغة منها دون التِّبر؟
دكتۆر عثمان هه‌ڵه‌بجه‌يى
ليلة النصف من شعبان
منقول
رسائل شهر شعبان
د. حه‌سه‌ن خالید موفتی
نماذج من تٲويلات الٳمام ٲحمد لآيات وٲحاديث الصفات.
د. حه‌سه‌ن خالید موفتی
(الٳمامُ الشَّافعيّ (رضي الله عنه) واستحبابُهُ قراءةَ خَتْمِ القُرآنِ علی المَيِّتِ)
منقول
الأكراد وظلم ذوي القربى
مه‌لا عه‌بدوڵلا شێركاوه‌یی
آيَةُ النَّهارِ
پ.د.فرست مرعي
القدس وأهميتها لدى الديانات السماوية الثلاث
مه‌لا عه‌بدوڵلا شێركاوه‌یی
القرآن الكريم وتأثيره على الإنسان
  التقارير

الفتوى المشتركة بين مصر والأردن وكوردستان حول جرائم داعش

رئيس إتحاد علماء كوردستان العراق لـ(الرواق ): *التطرف الأعمى لم يخترق كردستان ... كل المحاولات الخبيثة فشلت

رئيس اتحاد العلماء: القضاء على داعش لن يكون عسكريا فقط


  رسالة العلماء
عدد الزيارة : 13776968
الرئيسة من نحن رسالتنا راسلنا
جميع الحقوق محفوظة لاتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان ©            Powered by SALAYE Group