تأسس اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان/ العراق في 21 ايلول 1970، بقيادة البارزاني الخالد (ملا مصطفى البارزاني) وبرئاسة أول رئيس لهذه المرجعية الشيخ (ملا علي المدرس) رحمة الله عليهما، ليكون هيئة تجمع علماء الدين والمفكرين الإسلاميّين في كوردستاننا الحبيب تحت مظلة واحدة تهدف إلى تنظيم العمل الديني والدعوي، وتوحيد جهودهم، وتوجيه العمل الديني لخدمة المجتمع الكوردي للوصول إلى هدفنا السامي بقيام الدولة الكوردية. يُعد هذا الاتحاد واحدًا من أعرق وأهم المؤسسات الدينية في الإقليم الذي كان وما يزال نقطة تحول هامة في مسيرة العلماء والدعاة، فله دور بارز في تعزيز التوجيه الديني والأخلاقي وتوحيد صفوف العلماء في كوردستان، ومواجهة ظلم القيادات السابقة في الحكومة العراقية، ويُعد منذ ذلك الحين منارة للإسلام المعتدل، والدعوة إلى الحوار والاعتدال في المجتمع الكوردي . فمذ تأسيسه وحتى اليوم، كان لاتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان دور بارز في توجيه المجتمع نحو الاعتدال والوسطية، وفي تعزيز الفهم الصحيح للإسلام الحقيقي. وبالرغم من الانجازات العديدة التي حققها اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان، يبقى الاتحاد أمام تحديات كبيرة تهدد استمرارية تأثيره الإيجابي على المجتمع. في ظل التحولات الاجتماعية والسياسية التي يمر بها العراق والمنطقة، إذ تزداد الضغوط الخارجية التي قد تؤثر على تماسك المجتمع الكوردي. ومن أبرز هذه التحديات: 1- التأثيرات الخارجية الثقافية والسياسية، التي قد تؤدي إلى تحولات في الهوية والقيم الاجتماعية، مما يتوجب على الاتحاد أن يواجه هذه التأثيرات بحكمة وفعالية، عبر تعزيز الهوية الإسلامية المعتدلة والمحافظة على القيم الإسلامية الأصيلة. 2- التطرف الديني والذي يُعد من أخطر التحديات التي تواجه المجتمعات في العصر الحالي، وبالتالي، يجب على الاتحاد الاستمرار في دعم الإسلام الوسطي والتأكيد على قيم التسامح والاعتدال، لكيلا يتسلل الفكر المتطرف إلى المجتمع. مما يتطلب تعزيز التوعية بمخاطر التطرف من خلال الدروس والمحاضرات في المساجد، بالإضافة إلى توفير برامج تعليمية توعوية تناسب كافة الأعمار. 3- ومن التحديات التي تمثل خطرًا حقيقيًا هو مشروع تقنين الأحوال الشخصية، الذي يُعد حساسًا في مجتمع يتسم بالطهارة والتمسك بالتقاليد الإسلامية. هذا المشروع يمثل تهديدًا للقيم الأسرية التي تربى عليها المجتمع الكوردي، و لمواجهة هذا التحدي ينبغي على الاتحاد أن يأخذ دورًا رياديًا في تنظيم المؤتمرات والندوات مع قريناتها كوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، والكليات الإسلامية والقانون التي تدرس تأثيرات هذا التقنين، إضافة إلى فتح حوار مباشر مع الجهات الحكومية المعنية لشرح مخاطر هذه التعديلات المحتملة على الأسرة والمجتمع. 4- على الاتحاد تطوير برامجه التعليمية والتوعوية لمواكبة التحولات الاجتماعية والتكنولوجية، والتي تلبي حاجات الشباب وتوجيههم نحو قيم إيجابية تتماشى مع دينهم وتراثهم، فالتكنولوجيا الحديثة يمكن أن تكون أداة قوية لنشر الوعي الديني الإيجابي، وينبغي على الاتحاد الاستفادة منها في تعزيز رسالته. فعلى الاتحاد مسؤولية كبيرة في المحافظة على تماسك المجتمع وحماية هويته الإسلامية، بالإضافة إلى مواجهة التحديات الراهنة بحكمة واستراتيجية تعزز قيم الإسلام المعتدل. وأخيرًا، نقول في الذكرى السنوية لتأسيس اتحاد علماء الدين الإسلامي في كوردستان/ العراق، الذي يمثل مرجعية دينية هامة للمجتمع الكوردي، إنّ المجتمع يستذكر بكل فخر الدور الريادي الذي لعبه الاتحاد في نشر القيم الإسلامية السمحة وتعزيز الوحدة الاجتماعية في كوردستان، وقد كان الاتحاد دائمًا مثالًا على الاعتدال الديني والتوجيه السليم، مما ساهم في ترسيخ التفاهم والتعايش بين مختلف مكونات المجتمع الكوردستاني. إنّ استمرارية هذا الدور للاتحاد يعتمد على مواصلة جهوده في تقديم التوجيه الديني المعتدل، والحفاظ على التواصل المستمر مع كافة شرائح المجتمع، فعلى هذا النهج المعتدل يمكن للاتحاد أن يواجه التحديات التي تفرض عليه في العصر الحديث، ويستمر في تقديم خدماته الدينية والاجتماعية، ليظل مرجعًا روحيًا ودينيًا رائدًا في كوردستاننا، محافظًا على رسالته في تعزيز القيم الإسلامية المعتدلة والتسامح الاجتماعي. |