يحترق المسلمون يوميًّا في ميانمار على أيد البوذيّين العنصريّين، ويقتل المئات بل الآلاف منهم بيد الإرهاب والغدر، والمبرّر -كما يدّعون- أنّهم ليسوا مواطنين أصليّين في البلد. والسّؤال هو: هل اليهود أصليّون في إسرائيل؟ وهل الأمريكيّون أصليّون في أمريكا بعد إبادة الهنود الحمر؟ وهل العرب أصليّون في كركوك ومناطق أخرى في العراق؟ الإنسان يخجل من سماع هذه المبرّرات اللاإنسانيّة الّتي لا تتماشى مع حقوق الإنسان والشعارات البرّاقة الّتي ترفع في منابر الأمم المتّحدة ومنظّمات حقوق الإنسان، وتذاع في وسائل الإعلام. وما يخجلنا أكثر هو هذا الصّمت الدّولي تجاه هذه المذابح المتكرّرة بحقّ المسلمين في بورما (ميانمار)، وإذا كان الحديث عن سوريا ضروريّا وهو كذلك بالفعل، حيث راحت ضحيّة أحداثها إلى قرابة (15,000) شهيدًا، فالحديث عن المسلمين في بورما أكثر ضرورة، إذ تجاوز عدد الضّحايا إلى ما يقرب من (100,000) شهيد، أليسوا أناسا، أليس لأرواحهم ثمنٌ في ضمير الإنسانيّة؟!، أم المصالح المادّية في هذا العالم القاسي هي الّتي تتحكّم في المواقف؟!. واللافت هنا هو مواقف الدّول الإسلاميّة والعربيّة الخجولة، إذ لم أسمع أنّ دولة واحدة منها أبدت موقفًا ولو بإصدار بيانٍ يدين فيه المجازر الشّنيعة في ميانمار، هل تستمرّ سلسلة الصّمت الإسلامي مثلما صمتوا تجاه مجازر حلبجه وما سمّي بالأنفال على يد الطّاغية صدّام حسين ونظامه تجاه الشّعب الكوردي المسلم؟، وكما صمتوا إلاّ بشئٍ يسير تجاه ما ارتُكب تجاه الشّعب الكوسوفي، ما دفعهم إلى تفضيل الغرب على العالم الإسلامي، كما يقول كادر فوجل (مهندس) للمسلمين: ألاّ ينزعجوا إذا شاهدوا شعب كوسوفا يميل إلى الدول الغربية أكثر من الدول الإسلامية.. فقد قدّموا لنا دعما ومساندة في استقلالنا لم تقدمه لنا الدول الإسلامية، باستثناء تركيا، مع تفهمنا أن كثيرا من الدول الإسلامية قليلة الحيلة". وقال الشيخ مصطفى سيريتش مفتى عام البوسنة والهرس: كان الولايات المتحدة تمثل "الدرع الواقي والضامن الحقيقي للمسلمين" في إقليم كوسوفا، ثم يضيف "الدور الأمريكي في البلقان يمثل درعا واقيا للمسلمين على الأقل في مواجهة الصرب، وقد لمسنا ذلك في البوسنة كما نلمسه الآن في كوسوفا". وفي بورما (ميانمار) لا يجد سكّانها المسلمون درعًا واقيًا، لا شرقيّا ولا غربيًّا، ولا يرون سوى القتل والدّمار والتّطهير العرقي، وسيأتي يومٌ يخجل الجميع مسلمين وغيرهم من صمتهم، وسيحاسبنا التّأريخ، كما وسيحاسبنا الله، إن لم نتشارك معهم بالدّعاء والصّلوات وكلّ ما يمكننا فعله، وإذا استمرّ الصّمت الدّولي فلن يكون هناك معنًى للشّعارات المزخرفة من حقوق الإنسان والأمن الدّولي. |